سورة الزمر - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


اسرفوا على انفسهم: تجاوزا الحد فيما فعلوه من المعاصي. لا تقنطوا: لا تيأسوا. أنيبوا: ارجعوا إلى ربكم. وأسلموا: أخلصوا له. احسن ما انزل اليكم: القرآن. قرّطت: اهملت وقصرت. في جنب الله: في حقه وطاعته. لو ان لي كرّة: لو ان لي رجعة.
{قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله....}
ان هذه الآية الكريمة اعظم بشرى لنا نحن المؤمنين، فهي دعوة صريحة من الله لنا إلى التوبة، ووعدٌ باعلفو ولاصفح عن كل ذنبٍ مهما كبر وعظم. وقد ترك الله تعالى بابه مفتوحا للرجوع اليه امام من يريد ان يكفّر عن سيئاته، ويصلح ما أفسد من نفسه.
روى الامام احمد عن ثوبان مولى رسول الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أحبّ أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية: {قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ....} فقال رجل: يا رسول الله فمن أشرك؟ فسكت الرسول الكريم، ثم قال: أَلا ومن الشرك- ثلاث مرات» إلى احاديث كثيرة كلها تبشر بسعة رحمة الله، والبشرى بالمغفرة مهما جل الذنب وكبر، ويا لها من بشرى. {إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً} صدق الله العظيم. {إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم} فمن أبى هذا التفضل العظيم، والعطاء الجسين، وجعل يقنّط الناس، وتزمّتَ مثل كثير من وعَاظ زماننا، وبعض فئات المتدينين على جَهل- فقد ركب أعظم الشطط، فبشّروا ايها الناس ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا، يرحمكم الله.
ثم امر سبحانه بشيئين: فقال:
1- {وأنيبوا إلى رَبِّكُمْ....} اغتنموا هذه الفرصة ولا تضيعوها ايها الناس، وتبوا إلى بارئكم.
2- {واتبعوا أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ....}.
ثم بين بعد ذلك ان عاقبة من أهل التوبةَ هو ما يحل به من الندامة يوم القيامة فقال: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتا على مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ الله وَإِن كُنتُ لَمِنَ الساخرين}.
بادروا إلى العمل الصالح والتوبة واحذَروا ان تفوتكم الفصرة، فتوقل بعض الانفس يوم القيامة: يا حسرتا على تقصيري وتفريطي في طاعة الله، وكثرة سخريتي واستهزائي بدين الله وكتابه ورسوله. أو تقول: لو ان الله هداني إلى دينه وطاعته لكنتُ من الفائزين. أو تقول حين ترى العذاب: ليس لي رجعةً إلى الدنيا فأكون من المهتدين. فيقال له: {بلى قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا}
ليس الأمر كما زعمتَ، ولا فائدة من ذلك، فقد جاءتك آياتي في الدنيا على لسان رسولي فكذّبته وكذّبت بآتي، واستكبرت عن قبولها {وَكُنتَ مِنَ الكافرين}.


وجوههم مسودّة: كناية عن الذل والحسرة. مثوى: مقام. بمفازتهم: بفوزهم ونجاتهم. وكيل: قيم بالحفظ ولاحراسة. مقاليد السموات والارض: مفرده مقلاد ومقلد: وتطلق على الخزانة والمفتاح. ليحبطن عملك: ليذهب هباء. ما قدروا الله حق قدره: ما عظّموه كما يليق به. والأرض جميعا قَبضتُه: في ملكه وتحت امره. بيمينه: بقدرته.
ويوم القيامة أيها الرسول يدل على الذين كذبوا على الله ذلٌّ وحسْرة ظاهرة على وجوههم. ان في جعهنم مقاما كبيرا للمتكبرين. وينجي الله من عذابه الذين اتقوا ربَّهم فلا يصيبهم سوء ولا هم يحزنون.. لقد أمِنوا من كل خوف وشر، والله وحده خالق هذا الكون {وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} قائم بالحفظ، يتولى التصرف بحسب حكمته.
{والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ الله}
لأنهم حُرموا من الرحمة يوم القيامة بخلودهم في النار.
قل لهم يا محمد: أبعد وضوح الآيات على وحدانية الله تأمرونني ان أعبد غيره أيها الجاهلون!!
ثم بين الله تعالى أنه قد أوحى إلى الرسول الكريم والأنبياء من قبله ان يكونوا موحِّدين ولا يشركون بالله شيئاً، ومن يشركْ يذهبْ عملُه هباءً ويكون من الخاسرين.
ثم بين لرسوله الكريم أن لا يجيب المشركين إلى ما طلبوه من عبادة الأوثان، وان يعبد هو ومن اتبعه من المؤمنين الله وحده، وان يكون من الشاكرين لنعم الله التي لا تحصى.
ثم بين الله تعالى جهل اولئك الجاحدين بقوله: {وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ}
اذ أشركوا معه غيره ودعوالرسول إلى الشرك به، واللهُ سبحانه هو مالك هذا الكون، وتكون السموات مطوية بيمينه يوم القيامة {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
والغرض من هذا الكلام تصوير عظمة الله وجلاله، وكل ما يرد في القرآن الكريم من هذه الصورة والمشاهد انما هو من باب تقريب الحقائق إلى أفهام الناس الذين لا يدركونها بغير ان توضع لهم في تعبير يدركونه.
قراءات:
قرأ الكوفيون غير حفص: {بمفازاتهم} بالجمع، والباقون: {بمفازتهم}. وقرأ ابن عامر: {تأمرونني} وقرأ ابن كثير: {تأمرونّيَ} بتشديد النون وفتح الياء. وقرأ نافع: {تأمرنيَ} بتخفيف النون وفتح الياء.


الصور: بوق ينفخ فيه. صُعق: غشي عليه. يَنظرون: ينتظرون ماذا يفعل بهم. واشرقت الأرض: اضاءت بنور الله وعدله. ووضع الكتاب: وهو صحائف الأعمال. بالحق: بالعدل. وسيق الذين كفروا: حثّوهم على السير. زُمرا: افواجا. حقّت: وجبت.
في هذه الآيات والتي بعدها تصوير حيّ لمشهد يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاءه، وهو يبدأ بالنفخ في الصور (وهو بوق لا ندري كيف شكله) فيصعق جميع من في السموات والارض إلا من اراد الله ان يؤخرهم إلى وقت آخر، ثم ينفخ فيه مرة اخرى فاذا الجميع قائمون من قبورهم ينتظرون ما يُفعل بهم.
واشرقت ارض المحشر بنور الله، ووُضع الكتاب الذي سُجلت فيه أعمالهم، وجيء بالانبياء والعدول ليشهدوا على الخلق.
{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحق}
وفصل اللهُ بين الخلق بالعدل، فهم لا يُظلمون بنقص ثوابٍ أو زيادة عقاب. وأعطيت كل نفس جزاء ما عملت جزاء كاملا {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} دون حاجة إلى كتاب أو حاسب. اما حشرُ الناس ومحاسبتهم ووضع الكتاب فهو لتكميل الحجة عليهم وقطع المعذرة.
ثم بعد أن يحاسَب كل إنسان ويأخذ كتابه بيمينه أو شماله ينقسم الناس فريقين: {فَرِيقٌ فِي الجنة وَفَرِيقٌ فِي السعير} فيساق الذين كفروا إلى جهنم جماعات جماعات، حتى إذا وصلوا إلى جهنم تفتح لهم ابوابها، ويدخلونها مهانين، ويوبخهم خزنة جهنم بقولهم: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا} فيجيبونهم معترفين ولا يقدروا على الجدل بقولهم: {بلى ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين}. ثم يقال لهم ادخلوا ابواب جهنم خالدين فيها أبداً {فَبِئْسَ مَثْوَى المتكبرين} على الحق، والخارجين على العدل.
قراءات:
قرأ الكوفيون: {فتحت} بتخفيف التاء. والباقون: {فتحت} بالتشديد.

1 | 2 | 3 | 4 | 5